بعد نشري لمقالي : "درس تربوي إيماني" في صفحتي (الفايسبوك)، قبل بضعة أسابيع، قرأت تعليقا لإحدى المربيات العاملات في مجال التربية والتعليم في مغربنا العزيز، هذا نصه: "هذا هو الاستاذ والقدوة الحسنة لطلابه..هكذا ينبغي ان تعيش الامة الاسلامية التضامن فيما بيننا ويالروعة المشهد عندما يكون التضامن ممن هو معلمنا هذه القيم .فطوبى لك أيها الاستاذ الفاضل .....هكذا ينبغي ان تكون العلاقة بين المربي وبين الطالب..طوبى لك بدعوات الخير التي تصلك ممن لاتعرفهم حتى في وجوههم!!".
ولقد أعجبني وأسعدني قولها: " طوبى لك بدعوات الخير التي تصلك ممن لاتعرفهم حتى في وجوههم!!"، والذي كان سببا في كتابة هذه التدوينة؛ "رسالة شكر من والد لولده".
وخير ما قيل في تعريف الشكر: عرفان الإحسان.وقيل: الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع.وقال ابن القيم: الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده: ثناء واعترافا، وعلى قلبه شهودا ومحبة، وعلى جوارحه انقيادا وطاعة. [مدارج السالكين (2/ 244)
ومن أسماء الله: الشاكر، والشكور.قال تعالى: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" (البقرة: 158)
وقال سبحانه:"إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" (الشورى: 23)
وسيد الشاكرين نبينا صلى الله عليه وسلم ، فعن المغيرة بن شبعة رضي الله عنه قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم أو ليصلي حتى ترم قدماه، فيقال له فيقول: «أفلا أكون عبدا شكورا»؟ (البخاري ومسلم)
ولقد أمرنا الله تعالى بالشكر: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" (البقرة: 152)
وقال سبحانه: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان: 14)
والشكر لمن أسدى إلينا معروفاً واجب علينا ،لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» (الترمذي). وفي سنن أبى داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ".
ولعل من أجمل صور وألوان الشكر؛ شكر الأب لابنه أو لابنته. وكثيرا ما يغفل الآباء عن شكر أولادهم، لأن كثيرا منهم يعتبر إحسان الأبناء لآبائهم واجبا لا يستوجب الشكر.
ولكي لا أكون من صنف هؤلاء الآباء، فإني أبادر بشكر ولدي عبد الرحمن، على ما أسداه إلي من الخير حيث أنه أنجز لي موقعا ومدونة أستطيع من خلالهما نشر مقالاتي، وإقامة تواصل ثقافي وتربوي بيني وبين الطلبة والأساتذة والباحثين داخل المغرب وخارجه. ولقد نبهني حفظه الله، إلى أن نشر المعرفة عبر الأنترنيت، قد يكون أفضل من نشرها بواسطة الكتب والمجلات الورقية، لكونها تصل إلى أكبر عدد ممكن من القراء والباحثين. ولم أكن أشاطره الرأي في بداية الأمر، لكنني أدركت بعد ذلك أنه مصيب في رأيه.
وبالمناسبة، أذكر الآباء والأمهات ببذل الجهد في تربية أبنائهم وحسن توجيههم وصحبتهم، والسهر على تنشئتهم تنشئة صالحة، ليكونوا نفعا لهم ولمجتمعهم، وذخرا لهم في الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، رواه مسلم.
د. عبد الله الشارف؛ كلية أصول الدين تطوان المغرب. جمادى الأولى 1437- فبراير 2016.
0 تعليقات